في عام 2007، كشف الجنرال المتقاعد في الجيش الأمريكي ويسلي كلارك عن خطة مثيرة للجدل تهدف الولايات المتحدة من خلالها إلى “إزالة” سبع دول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. الدول التي شملتها الخطة هي العراق، سوريا، لبنان، ليبيا، الصومال، السودان، وإيران، وكان الهدف من ذلك إعادة تشكيل المنطقة بما يتوافق مع المصالح الاستراتيجية الأمريكية. يغوص هذا المقال في تداعيات هذه الخطة ويفحص الحالة الراهنة لهذه الدول.
الخلفية:
ظهرت رواية كلارك في العصر الذي تلت أحداث 11 سبتمبر، مما أبرز تحولاً استراتيجياً في السياسة الخارجية الأمريكية. بين كلارك أن هذه الدول كانت تُعتبر تهديدات أو مصالح استراتيجية تتطلب التدخل لتركيب أنظمة موالية. وقد أثارت هذه الاستراتيجية منذ ذلك الحين جدلاً واسعاً.

تحليل لكل دولة:
- العراق: شهد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 بداية تدخل عسكري أمريكي كبير. كان الهدف الرئيسي هو تفكيك نظام صدام حسين والقضاء على الأسلحة الجماعية المزعومة. ومع ذلك، أدت النتائج إلى نزاع ممتد وتمرد وظهور مجموعات متطرفة مثل داعش. يواجه العراق اليوم تحديات تتعلق بالاستقرار السياسي والأمن وجهود إعادة البناء.
- سوريا: تشير التقارير الأخيرة إلى أن سوريا تعيش اضطرابات كبيرة. يُقال أن الرئيس الأسد قد غادر البلاد، وقد تولت فصيلة جديدة السيطرة، مما أدى إلى فوضى واسعة. الوضع متغير، حيث تتنافس مختلف المجموعات على السلطة ويتم تدخل كبير من الفاعلين الإقليميين والدوليين. مستقبل سوريا لا يزال محفوفاً بالغموض في ظل هذه التطورات.
- لبنان: أثرت الأحداث الأخيرة بشكل كبير على لبنان، خصوصاً مع الصراع الجاري مع إسرائيل. قد أدى اغتيال قائد حزب الله حسن نصر الله إلى تصعيد التوترات. الوضع متغير، حيث يجد لبنان نفسه في قلب صراع إقليمي أوسع يشمل إسرائيل وفلسطين ودول الجوار. هذا الصراع يفاقم التحديات السياسية والاقتصادية القائمة في لبنان.
- ليبيا: تواجه ليبيا اضطرابات مستمرة منذ التدخل العسكري للناتو في عام 2011 الذي أدى إلى سقوط معمر القذافي. نتج عن ذلك فراغ في السلطة، مما أدى إلى دولة مجزأة، حيث تسيطر فصائل متنافسة على أجزاء مختلفة من البلاد. على الرغم من الجهود المبذولة لإقامة حكومة موحدة، لا تزال ليبيا منقسمة ومثقلة بالعنف. تواصل وجود الميليشيات المختلفة والتدخلات الأجنبية تعقيد المسار نحو الاستقرار والسلام.
- الصومال: كانت الصومال محور جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية، خاصة ضد جماعات متطرفة مثل الشباب. البلاد لا تزال غير مستقرة، مع استمرار العنف والتحديات الإنسانية. تعقد الجهود المبذولة لإقامة حكومة مستقرة بسبب الانقسامات الداخلية والتأثيرات الخارجية. الوضع متغير، مع جهود مستمرة لمكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار.
- السودان: شهد السودان تغيرات سياسية كبيرة، خاصة مع الإطاحة بالزعيم الطويل الأمد عمر البشير في عام 2019. البلاد تنتقل بصعوبة نحو الحكم المدني، مع استمرار التوترات والصعوبات الاقتصادية. تستمر التدخلات الدولية والجهود المبذولة لدعم انتقال سلمي، لكن التحديات لا تزال قائمة.
- إيران: تعتبر إيران في مركز التوترات الإقليمية، خاصة مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي. تواصل البلاد التعامل مع العقوبات الاقتصادية والضغوطات الداخلية. يبقى تأثير إيران في المنطقة، بما في ذلك دعمها لمجموعات وكيلة مختلفة، عاملاً كبيراً في ديناميكيات المنطقة.
الفوائد من البرنامج:
- التأثير الاقتصادي:
- السيطرة على الموارد: من خلال التأثير في هذه المناطق، يمكن للولايات المتحدة ضمان الوصول إلى موارد حيوية مثل النفط، مما يعزز الأمن الطاقوي والاستقرار الاقتصادي.
- المجمع العسكري الصناعي: يؤدي الانخراط العسكري المستمر إلى زيادة الإنفاق الدفاعي ويدفع التقدم التكنولوجي في القطاع العسكري.
- الاستراتيجية الجيوسياسية:
- الاستقرار الإقليمي: من خلال إعادة تشكيل هذه المناطق، تهدف الولايات المتحدة إلى إقامة حكومات متوافقة مع مصالحها، مما قد يستقر المناطق الحيوية للأمن العالمي.
- احتواء الخصوم: يمكن لهذه التدخلات أن تساعد في مواجهة تأثير القوى المنافسة في المنطقة، مثل روسيا والصين.
- الجوانب المالية:
- هيمنة الدولار: يدعم الحفاظ على النفوذ في هذه المناطق نظام البترودولار، مما يعزز مكانة الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية.
- المكاسب الاقتصادية: يمكن أن تحفز جهود الحرب وإعادة الإعمار النمو الاقتصادي، وتوفر فرصاً للشركات الأمريكية في قطاعات مثل البناء والطاقة والأمن.
- التأثير الاستراتيجي:
- القيادة العالمية: تعزز هذه التدخلات دور الولايات المتحدة كقائد عالمي، مشكلةً الأعراف والسياسات الدولية.
- الأمن طويل الأمد: من خلال معالجة التهديدات المتصورة، تهدف هذه الإجراءات إلى منع النزاعات المستقبلية التي قد تؤثر على الأمن والمصالح الاقتصادية الأمريكية.

الآثار المستقبلية:
قد تُعتبر إعادة تشكيل هذه المناطق مقدمة لاستراتيجيات مستقبلية محتملة تشمل قوى عالمية أخرى. تعكس فكرة إعادة تشكيل روسيا والصين، رغم كونها تكهنية، الاعتبارات الاستراتيجية المستمرة. قد يشمل ذلك:
- الضغط الدبلوماسي: زيادة الجهود الدبلوماسية والتحالفات لموازنة هذه القوى.
- التدابير الاقتصادية: استخدام أدوات اقتصادية مثل العقوبات أو اتفاقيات التجارة للتأثير في هذه الدول.
- المنافسة التكنولوجية: التركيز على الحفاظ على الريادة في المجالات التكنولوجية الرئيسية.
الهجمات المضادة والمعارضة:
قد تستخدم دول مثل روسيا والصين وإيران عدة استراتيجيات لمواجهة أو عكس هذه البرامج:
- التحالفات الدبلوماسية: تشكيل تحالفات أقوى مع دول أخرى لموازنة النفوذ الأمريكي.
- التدابير الاقتصادية المضادة: تنفيذ سياسات وشراكات اقتصادية تقلل الاعتماد على النظم التي تقودها الولايات المتحدة.
- الموقف العسكري: تعزيز القدرات العسكرية الخاصة بهم لردع التدخل والنفوذ في مناطقهم.
- الحرب السيبرانية والإعلامية: استخدام القدرات السيبرانية وحملات المعلومات لتقويض المبادرات الأمريكية. من خلال فهم هذه التدابير المضادة المحتملة، يمكن للولايات المتحدة تطوير استراتيجيات للتخفيف منها والحفاظ على ميزتها الاستراتيجية.
الخلاصة:
تسلط إعادة تشكيل الشرق الأوسط، كما حددها ويسلي كلارك، الضوء على التعقيدات والآثار طويلة المدى للاستراتيجيات الجيوسياسية. بينما قد توفر هذه التدخلات فوائد اقتصادية واستراتيجية محتملة، فإنها تحمل أيضاً مخاطر وتحديات كبيرة. إن فهم هذه الديناميكيات أمر حاسم لتشكيل السياسات المستقبلية وتوقع التدابير المضادة المحتملة من القوى العالمية المنافسة. مع التقدم إلى الأمام، يبقى من الضروري موازنة المصالح الاستراتيجية مع السعي وراء الاستقرار والسلام العالميين.
